في إحدى القرى العربية القديمة، كانت هناك قصة تتناقلها الأجيال عن قصر مهجور، يقع على أطراف الغابة، القصر كان يُعرف بالقصر المسحور، ويقال إنه مليء بالكنوز التي لا تُحصى، لكنه ملعون بقوى غامضة تجعل أي شخص يقترب منه يختفي دون أثر، لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب من القصر، خوفًا من المصير المجهول.
في تلك القرية عاش شاب يُدعى "عمر"، كان معروفًا بشجاعته وفضوله الذي لا ينضب، وكان عمر يحلم منذ صغره بأن يصبح مغامرًا عظيمًا، وبالطبع، كان حلمه الأكبر هو اكتشاف أسرار القصر المسحور، حاول والده الشيخ "علي" أن يثنيه عن هذا الطموح، لكنه لم يستطع كبح جماح شغف ابنه بالمغامرة.
في ليلة مقمرة، جلس عمر مع صديقيه المقربين، "سعيد" و"يوسف"، يتحدثون عن القصر المسحور، قال سعيد: يقال إن هناك ممرات سرية تحت القصر تقود إلى غرفة الكنوز، وأضاف يوسف: لكنها محمية بتعويذات قديمة، لا أحد نجا منها قط.
قرر الأصدقاء الثلاثة أن يخوضوا المغامرة، مدفوعين بحبهم للاستكشاف ورغبتهم في تغيير مصيرهم. جهزوا أنفسهم بالمصابيح، والحبال، والخناجر، وانطلقوا في الفجر متجهين نحو القصر، كانت الرحلة إلى القصر مغامرة بحد ذاتها، إذ عبروا الغابات الكثيفة و تسلقوا التلال الوعرة، عندما وصلوا إلى بوابة القصر الضخمة، شعروا برهبة لم يعرفوها من قبل، لكن عمر بشجاعته المعهودة، دفع البوابة الحديدية التي صَدِئَتْ مع الزمن، لتُصدر صريرًا مخيفًا وهي تنفتح ببطء دخل الأصدقاء إلى القصر. وكان الصمت المخيم على المكان يزيد من شعورهم بالغموض، كانت الجدران مغطاة برسومات ونقوش قديمة تحكي قصصًا عن ملوك وحروب، عبروا القاعات الكبيرة حتى وصلوا إلى باب خشبي ضخم في نهاية الممر، دفع عمر الباب ليجدوا أنفسهم في غرفة واسعة تحتوي على دَرج حلزوني يؤدي إلى الأسفل، هذا هو المدخل إلى الممرات السرية قال سعيد بحماس.
نزلوا الدرج بحذر، ليجدوا أنفسهم في ممر ضيق ومظلم. أشعلوا المصابيح وتقدموا ببطء، مستعينين بالخريطة التي وجدها عمر في إحدى الكتب القديمة، كانت الجدران مغطاة بالكتابات الغامضة التي لا يفهمون معناها، لكنها بدت وكأنها تحذر من الخطر، بعد مسير طويل، وصلوا إلى باب آخر عليه نقوش تعويذات، يجب أن نكون حذرين الآن، فقد تكون هذه هي التعويذات التي تحدثوا عنها، قال يوسف. فتح عمر الباب بحذر ليجدوا أنفسهم في غرفة ضخمة مليئة بالكنوز، صناديق ذهبية، جواهر نادرة، وقطع أثرية لا تُقدر بثمن، كانت الجدران تلمع بألوان متلألئة بفعل انعكاس الضوء على الكنوز.
بينما كانو يحاولون دخول الغرفة، سمعوا صوتًا غريبًا يأتي من الزاوية، اقتربوا بحذر ليجدوا مرآة كبيرة مشعة، تعكس صورهم بشكل غريب، فجأة خرج من المرآة شبح امرأة جميلة بلباس ملكي، "أنا الملكة نورا، حاكمة هذا القصر قبل أن يُلعن بالسحر، شكراً لكم على قدومكم، فأنا بحاجة لمساعدتكم لتحرير روحي."
روت الملكة نورا قصتها للأصدقاء، وكيف أن أحد السحرة الأشرار لعن القصر وأسر روحها داخل المرآة. "إذا أردتم الخروج من هنا بأمان، يجب أن تكسروا التعويذة"، قالت. وأشارت إلى كتاب قديم على طاولة في وسط الغرفة، يحتوي على التعليمات اللازمة لكسر التعويذة، قرأ عمر الكتاب بعناية، ووجد التعويذة التي يجب أن يرددها لتحرير الملكة، لكنه كان يعلم أن هناك خطراً قد يحدث إذا لم يتمكنوا من كسر التعويذة بالشكل الصحيح، قرر الأصدقاء التعاون، حيث أمسك سعيد بالمرآة بينما قرأ يوسف النصوص القديمة، وبدأ عمر بتلاوة التعويذة، مع كل كلمة تلاها عمر، بدأت الغرفة تهتز والنقوش على الجدران تضيء بألوان غريبة، كانت اللحظات تمر ببطء مخيف، حتى وصل عمر إلى الكلمة الأخيرة من التعويذة. فجأة، انطلقت شعاع من الضوء من المرآة، وتحطمت إلى آلاف القطع المتلألئة، وتحررت روح الملكة نورا.
ظهرت الملكة أمامهم بابتسامة شاكرة، "لقد حررتموني من هذا السجن الأبدي، شكراً لكم يا شجعان." وبمجرد أن أنهت كلامها، بدأت الكنوز تتحول إلى تراب، لكن الملكة أهدت كل واحد منهم قطعة ذهبية محفوظة بالسحر كرمز لشجاعتهم.
عندما عاد الأصدقاء إلى قريتهم، حملوا معهم بالإضافة الى قطعة الذهب، ذكريات لا تُنسى وتجربة غيّرت حياتهم إلى الأبد، ورووا للناس حكايتهم التي أصبحت تتناقلها الأجيال، ليست فقط عن الكنوز، بل عن الشجاعة والصداقة والأمل.
إرسال تعليق